responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 71
وُقُوعُهُ فِيهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِحْنَةً كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وقولهما فلا تكفر يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَمَلَ السِّحْرِ كُفْرٌ لِأَنَّهُمَا يعلمانه إياه لئلا يعمل به لأنهما علماهما ما السحر وكيف الاحتيال ليجتنبه وَلِئَلَّا يُتِمُّوهُ عَلَى النَّاسِ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ آيَاتِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَيَبْطُلُ الِاسْتِدْلَال بِهَا وقَوْله تَعَالَى [فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ] يَحْتَمِلُ التَّفْرِيقَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَعْمَلَ بِهِ السَّامِعُ فَيَكْفُرُ فَيَقَعُ بِهِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً بِالرِّدَّةِ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَسْعَى بَيْنَهُمَا بِالنَّمِيمَةِ وَالْوِشَايَةِ وَالْبَلَاغَاتِ الْكَاذِبَةِ وَالْإِغْرَاءِ وَالْإِفْسَادِ وَتَمْوِيهِ الْبَاطِلِ حَتَّى يَظُنَّ أنه حق فيفارقها قوله تَعَالَى [وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ] الْإِذْنُ
هُنَا الْعِلْمُ فَيَكُونُ اسْمًا إذَا كَانَ مُخَفَّفًا وَإِذَا كَانَ مُحَرَّكًا كَانَ مَصْدَرًا كَمَا يَقُولُ حَذِرَ الرَّجُلُ حَذَرًا فَهُوَ حَذِرٌ فَالْحَذِرُ الإسم والحذر المصدر ويجوز أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُقَالُ عَلَى وَجْهَيْنِ كَشَبَهٍ وَشِبْهٍ وَمَثَلٍ وَمِثْلٍ وَقِيلَ فِيهِ إِلا بِإِذْنِ الله أى تخليته أيضا وَقَالَ الْحَسَنُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْعَهُ فَلَمْ يَضُرَّهُ السِّحْرُ وَمَنْ شَاءَ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَضَرَّهُ قَوْله تَعَالَى [وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ] قِيلَ مَعْنَاهُ مَنْ اسْتَبْدَلَ السِّحْرَ بِدِينِ اللَّهِ ماله فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَهُوَ النَّصِيبُ مِنْ الخير وقال الحسن ماله مِنْ دِينٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ بِالسِّحْرِ وَقَبُولَهُ كُفْرٌ وَقَوْلُهُ [وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ] قِيلَ بَاعُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
وَشَرَيْتُ بُرْدًا لَيْتَنِي ... مِنْ بَعْدِ بُرْدٍ كُنْت هَامَهْ
يَعْنِي بِعْته وَهَذَا أَيْضًا يُؤَكِّدُ أَنَّ قَبُولَهُ وَالْعَمَلَ بِهِ كُفْرٌ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ [وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا] يقتضى ذَلِكَ أَيْضًا
قَوْله تَعَالَى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا] قَالَ قُطْرُبٌ هِيَ كَلِمَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ عَلَى وَجْهِ الْهُزْءِ وَقِيلَ إنَّ الْيَهُودَ كَانَتْ تَقُولُهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ [وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ] وَكَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ عَنْ مُوَاطَأَةٍ بَيْنَهُمْ يُرِيدُونَ الهزء كما قال الله تعالى [وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ] لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ السَّامُّ عَلَيْكَ يُوهِمُونَ بِذَلِكَ أنهم يسلمون عليه فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ذلك من أمرهم ونهى المسلمون أن يقولوا مثله وقوله راعنا وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ الْمُرَاعَاةَ وَالِانْتِظَارَ فَإِنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ الْهُزْءَ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي كَانَتْ الْيَهُودُ تُطْلِقُهُ نُهُوا عَنْ إطْلَاقِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ احْتِمَالِ الْمَعْنَى الْمَحْظُورِ إطْلَاقُهُ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الإطلاق مقتضيا

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 71
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست